19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ محمد أمل: استقبلنا رمضان بالتوبة والدعاء والآن نختمه بالتوبة ورجاء القبول

12 يونيو 2018

بدأ شهر رمضان الكريم يقوض خيامه استعدادا للرحيل، وها نحن اليوم نودع ما كنا بالأمس القريب نستقبله، لم يتبق في الشهر سوى أيام قليلة، شاهدة لنا أو علينا بما أودعناه من أعمال، والرشيد هو من انتهز مواسم البركة، ليملأ صحيفته بالطاعات والقربات، ويستبدل سيئات ماضيه بالخير والحسنات.
   فضيلة الشيخ محمد عبده أمل، الداعية والخطيب، يقدم بعض الوصايا ونحن نقترب من نهاية شهر رمضان عسى أن يتقبل الله منا جميعا صالح الأعمال.
الوصية الأولى: الإكثار من الطاعات، ومضاعفة الجهد في الأيام القلائل المتبقية، فإن الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه كان يجتهد في العشر أكثر مما يجتهد فيما سواها، تقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان النبي إذا دخلت العشر شد المئزر، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"، وعلينا أن نتأسى بنبينا ونضاعف جهودنا طلبا لرضا الله تبارك وتعالى.
الوصية الثانية هي الدعاء، فأعظم عبادة يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى هي الدعاء، وينبغي على الإنسان أن يتلمس أوقات إجابة الدعاء؛ عند السجود، وعند الإفطار، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، ودعاء السر بين العبد وربه هو الأقرب للإجابة، بأي لغة يعرفها المرء، حتى وإن كان لا يحسن الأدعية المأثورة، حتى ولو كان لا يتقن اللغة العربية ذاتها، فالله تبارك وتعالى سميع مجيب لعباده على اختلاف ألوانهم وألسنتهم.
الوصية الثالثة: اختتام العمل بالاستغفار والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، فمثلما بدأنا الشهر العظيم بالاستغفار والتوبة، نودعه في الأيام والساعات القليلة المتبقية ونختمه بالتوبة، فلا شك أن الاستغفار هو خير ختام للأعمال الصالحة، لأن ابن آدم خطاء، والعبد مهما اجتهد لا مفر من وجود ثمة خلل أو تقصير في عبادته، والاستغفار بعد أداء الشعائر يجبر ذلك النقص، كما أن الاستغفار يعلم المؤمن التواضع، ويطهر عمله من العُجْب، فكأن العبد يقول: "مهما عملت يا ربي فأنا مذنب مقصر"، وربنا جل وعلا يأمرنا بالاستغفار في آخر أعمال الحج: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199]، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حين ينصرف من صلاته كان يستغفر.
من أجل هذا، من أراد الفلاح في الدارين فليتب إلى الله وليستغفره في كل حين وأوان، وحبيبنا صلوات الله وسلامه عليه، الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة، ورب العزة يخاطب المؤمنين في سورة النور: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [النور:31]َ.
الوصية الرابعة: علينا أن نتذكر أن العبرة في الأعمال القبول، كان ذلك هَمّ الأنبياء وشاغلهم، قبل أن يكون همَّ أهل الإيمان، على سبيل المثال نبي الله إبراهيم وابنه اسماعيل - عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام - حينما كانا يرفعان أساس الكعبة، سألا الله تبارك وتعالى القبول، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، والسلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا يؤدون العبادات وقلوبهم وجلة مخافة ألا يقبل الله أعمالهم، وقد جاء ذلك في وصف الله لهم في القرآن: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون:60-61]، هؤلاء من يقدمون ما استطاعوا من الطاعات، ومع ذلك يخافون من عدم القبول، مع علمهم بسعة رحمة الله تبارك وتعالى وفضله، كان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول في نهاية الشهر الكريم: "من هذا المقبول منا فنهنيه ومن المحروم فنعزيه، أيها المقبول هنيئا لك، وأيها المردود جبر الله مصيبتك".
كيف يكون قبول العمل؟ يكون بالإخلاص وبتمام موافقة العمل للهدي النبوي، فالله لايقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه سبحانه، أما العمل الذي يخالطه الرياء أو القصد لغير الله فهو مردود على صاحبه.
كذلك أن يكون العمل موافقا لسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فصلاة المرء وصيامه وسائر عباداته لابد وأن تكون على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، امتثالا للحديث: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" [متفق عليه].
وفي الختام يضيف فضيلة الشيخ: ها هو رمضان المبارك يكاد ينقضي، وكذلك الأعمار، فمن كان محسنا فليحمد الله تبارك وتعالى على التوفيق وليطلب المزيد، ومن كان مسيئا فليستغفر الله جل وعلا قبل فوات الأوان.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت